الشيخ محمد سعيد رسلان

الأحد، 17 مارس 2013

ليس الجهاد للدفاع فقط



ليس الجهاد للدفاع فقط
الإمام عبدالعزيز بن باز – رحمه الله

ذهب بعض الناس إلى أن الجهاد المشروع فقط جهاد الدفع لا جهاد الطلب، واستدلوا على ذلك بآيات ناقشها الشيخ الإمام عبدالعزيز بن باز في محاضرة له بعنوان : "ليس الجهاد للدفاع فقط"، ألقاها عندما كان نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، في دار الحديث بالمدينة، في أول موسم المحاضرات لعام 1388- 1389هـ، ثم نُشرت في مجموع فتاواه (3/171-201)، حيث قال رحمه الله:

"وقد تعلق القائلون بأن الجهاد للدفاع فقط بآيات ثلاث :
الأولى: قوله جل وعلا : {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا} والجواب عن ذلك: أن هذه الآية ليس معناها القتال للدفاع ، وإنما معناها القتال لمن كان شأنه القتال : كالرجل المكلف القوي ، وترك من ليس شأنه القتال : كالمرأة والصبي ونحو ذلك ، ولهذا قال بعدها : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}. فاتضح بطلان هذا القول، ثم لو صح ما قالوا ، فقد نسخت بآية السيف وانتهى الأمر بحمد الله .

والآية الثانية التي احتج بها من قال بأن الجهاد للدفاع: هي قوله تعالى : {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} وهذه لا حجة فيها؛ لأنها على الأصح مخصوصة بأهل الكتاب والمجوس وأشباههم ، فإنهم لا يكرهون على الدخول في الإسلام إذا بذلوا الجزية ، هذا هو أحد القولين في معناها. والقول الثاني : أنها منسوخة بآية السيف ولا حاجة للنسخ بل هي مخصوصة بأهل الكتاب كما جاء في التفسير عن عدة من الصحابة والسلف فهي مخصوصة بأهل الكتاب ونحوهم فلا يكرهون إذا أدوا الجزية، وهكذا من ألحق بهم من المجوس وغيرهم إذا أدوا الجزية فلا إكراه ، ولأن الراجح لدى أئمة الحديث والأصول أنه لا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع ، وقد عرفت أن الجمع ممكن بما ذكرنا . فإن أبوا الإسلام والجزية قوتلوا كما دلت عليه الآيات الكريمات الأخرى .

والآية الثالثة التي تعلق بها من قال أن الجهاد للدفاع فقط: قوله تعالى في سورة النساء :{فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاًقالوا : من اعتزلنا وكف عنا لم نقاتله . وقد عرفت أن هذا كان في حال ضعف المسلمين أول ما هاجروا إلى المدينة ثم نسخت بآية السيف وانتهى أمرها ، أو أنها محمولة على أن هذا كان في حالة ضعف المسلمين فإذا قووا أمروا بالقتال كما هو القول الآخر كما عرفت وهو عدم النسخ. وبهذا يعلم بطلان هذا القول وأنه لا أساس له ولا وجه له من الصحة"اهـ